بينما يسود في غزة جوّ من التفاؤل الحذر، تتجه أنظار الصحافة البريطانية إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل مرحلته الأولى بوساطة أمريكية مباشرة، وسط تباين في التحليلات حول فرص صموده ومستقبله السياسي.
الغارديان: أمل مشوب بالقلق في غزة
في صحيفة الغارديان، كتب الصحفي والناشط الغزّي حسن أبو قمر مقالاً من داخل القطاع، نقل فيه مشاعر الخوف والريبة التي تساور السكان رغم إعلان المرحلة الأولى من الاتفاق.
يعبّر الكاتب عن خشية كثير من سكان غزة من أن تستأنف إسرائيل عملياتها العسكرية فور استعادة الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، موضحاً أن معظم الناس يتجنبون إظهار الفرح، إذ "لا يزال الوقت مبكراً للحكم على حقيقة وقف النار"، في ظل حجم الدمار الهائل الذي طال مدنهم وحياتهم.
ويؤكد أبو قمر أن الكارثة لم تنتهِ بعد، فالكثير من الغزيين لا يزالون نازحين داخل وطنهم، ومدن مثل رفح وبيت حانون ما تزال تحت الاحتلال المباشر، وقد يضطر السكان إلى انتظار المراحل التالية من الاتفاق قبل أن تبدأ عملية الانسحاب الإسرائيلي.
ويرى أن هذه المخاوف نابعة من الضغوط التي يمارسها اليمين الإسرائيلي المتطرف على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيث يعتبر رموزه، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، أي وقف لإطلاق النار "خيانة وطنية".
في المقابل، يواجه نتنياهو ضغوطاً من الولايات المتحدة والعواصم العربية والإسلامية، إلى جانب تهديدات أوروبية بفرض عقوبات اقتصادية في حال فشل تثبيت الهدنة.
التايمز: "ترامب وحده قادر على تحقيق هذا السلام"
أما في صحيفة التايمز البريطانية، كتب الصحفي جيرارد بيكر مقالاً يرى فيه أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير لم يكن ليحدث لولا الدور الفريد الذي لعبه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي "استغل علاقته الخاصة مع كل من إسرائيل ونتنياهو لتحقيق اختراق دبلوماسي غير متوقع".
ويشير بيكر إلى أن نجاح ترامب في هذا الملف لا يعود إلى "قدرات خارقة في عقد الصفقات"، بل إلى "النفوذ الاستثنائي الذي يتمتع به على الساحة الدولية"، وقدرته على استخدام سلطته لتحقيق مكاسب سياسية ودبلوماسية، أحياناً باسم السلام.
ويربط الكاتب بين هذا النفوذ وبين تحوّل الحزب الجمهوري في عهد ترامب إلى ما يشبه "حركة تدين بالولاء الشخصي له"، ما يمنحه حرية دبلوماسية نادرة بين الرؤساء الأمريكيين.
كما يرى الكاتب أن رصيد ترامب في إسرائيل تعزّز بفضل اتفاقات أبراهام، ومواقفه الصلبة ضد إيران، واقتراحه السابق بتحويل غزة إلى "ريفييرا"، ما جعله بنظر الإسرائيليين "الحليف الأمريكي الأكثر موثوقية".
ويختم بيكر بالقول إن الاتفاق لا يزال هشّاً، فالكثير من التفاصيل المتعلقة بانسحاب القوات الإسرائيلية ونزع سلاح حماس لم تُحسم بعد، لكنه قد يشكل أساساً لمستقبل جديد، وربما مقدمة لعودة ترامب إلى واجهة السياسة الدولية — بل وربما طريقه نحو جائزة نوبل للسلام.
التلغراف: "ترامب يستحق نوبل للسلام"
ويشير جونز إلى أن هذا النجاح سيكون بمثابة صدمة لمعارضي ترامب في "اليسار الدولي" الذين طالما وصفوه بالفاشي، مؤكداً أن فرص فوزه بالجائزة ربما تكون قائمة في المستقبل إن لم تتحقق هذا العام.
ويستعرض الكاتب مقارنة تاريخية مع رؤساء أمريكيين سابقين فازوا بجائزة نوبل:
- ثيودور روزفلت (1906) الذي توسّط لإنهاء الحرب الروسية–اليابانية رغم ميوله العسكرية.
- وودرو ويلسون (1919) الذي وضع خطة سلام من 14 نقطة، لكنها فشلت في منع حرب عالمية جديدة.
- جيمي كارتر (2002) الذي نال الجائزة بعد خروجه من الحكم تقديراً لجهوده في حل النزاعات.
- باراك أوباما (2009) الذي حصل عليها بعد أشهر قليلة من توليه الرئاسة دون إنجاز ملموس، باعترافه الشخصي.
