مخاوف من حظرها في دول عربية.. OpenAI تُثير الجدل بإطلاق نسخة ChatGPT +18 المخصصة للبالغين

في خطوة وُصفت بأنها الأكثر جرأة منذ تأسيسها، أعلنت شركة OpenAI عن نيتها إطلاق نسخة خاصة بالبالغين (+18) من روبوت المحادثة الشهير ChatGPT، تتيح للمستخدمين التفاعل مع محتوى رومانسي وصريح، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الشركة. القرار أثار موجة من الجدل الأخلاقي والقانوني، وسط تساؤلات حول مدى تأثيره على الفئات العمرية الأصغر وإمكانية حظر هذه النسخة في دول مثل مصر وعدد من الدول العربية.
نسخة مثيرة للجدل
تأتي هذه الخطوة بعد أن أنفقت الشركة أكثر من 2.5 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024 على تطوير نماذج تفاعلية أكثر واقعية، في وقت يشهد فيه السوق منافسة متصاعدة مع منصات مثل Grok التابعة لإيلون ماسك، والتي تقدم خدمات مدفوعة مشابهة ذات طابع “عاطفي وجنسي”.
وكان سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، قد لمح عبر منشورات على وسائل التواصل إلى أن التحديث المرتقب في ديسمبر المقبل سيوسّع نطاق تفاعل ChatGPT ليشمل “محتوى مخصصاً للبالغين الموثّقين”، مشيراً إلى أن الهدف هو منح المستخدمين حرية أوسع في الاستخدام، لا أن تكون الشركة “شرطة أخلاقية للعالم”.
آليات ضبط وتحديات التحقق
وأكدت OpenAI أن النسخة الجديدة ستتضمن نظام تحقق من العمر وآليات إشراف مشددة لضمان أن المحتوى مخصص فقط للبالغين. لكن خبراء التقنية يحذرون من سهولة التحايل على هذه الأنظمة، عبر استخدام هويات مزيفة أو أدوات تغيير الموقع مثل VPN، ما يجعل وصول القاصرين إلى محتوى غير ملائم احتمالاً حقيقياً.
وتجارب سابقة، مثل منصة Grok التي تتيح إنشاء شخصيات رمزية افتراضية ذات طابع رومانسي، أظهرت أن الأنظمة المشابهة قد تنزلق سريعاً إلى محتوى صريح يصعب ضبطه.
مخاوف عربية من الحظر
من جانبه، يرى محمد الحارثي، استشاري التكنولوجيا والإعلام الرقمي، أن طرح نسخة “ChatGPT +18” قد يؤدي إلى حظر الخدمة في بعض الدول، خصوصاً في الشرق الأوسط، حيث تُعد القوانين أكثر تحفظاً تجاه المحتوى الجنسي. وأوضح أن شعبية ChatGPT الكبيرة بين المراهقين والطلاب تجعل من الصعب تمييز المستخدمين البالغين فعلياً، ما يضاعف من التحديات التنظيمية.
وأضاف الحارثي أن الخطوة قد تُضعف من سمعة المنصة عالمياً، إذ تُعرف ChatGPT بقدراتها التعليمية والإبداعية، وليس بالمحتوى المخصص للبالغين، مشيراً إلى أن بعض الحكومات قد تمنع طرح النسخة الجديدة محلياً بدل الاكتفاء بتقييد استخدامها.
التأثير النفسي على الشباب
ويرى خبراء علم النفس الرقمي أن الخطر الحقيقي لا يكمن فقط في الطابع الصريح للمحادثات، بل في الارتباط العاطفي الذي قد ينشأ بين المستخدم والروبوت. فبحسب دراسة لمؤسسة Internet Matters البريطانية، فإن 67% من الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و17 عاماً استخدموا روبوتات دردشة من قبل، وقال أكثر من ثلثهم إنهم شعروا وكأنهم يتحدثون إلى “صديق حقيقي”.
ويحذر الباحثون من أن دمج عناصر رومانسية أو جنسية في هذه التفاعلات قد يؤدي إلى تشويه فهم العلاقات الإنسانية لدى المراهقين، وتعزيز الإدمان العاطفي على الذكاء الاصطناعي. كما أن اختراقات الأمان أو تحايل المستخدمين قد يحوّلان هذه المنصات إلى أدوات لنشر محتوى ضار يصعب تتبعه أو حظره بالكامل.
معضلة بين الحرية والتنظيم
تضع هذه التطورات العالم أمام معضلة جديدة: كيف يمكن تحقيق توازن بين حرية البالغين في استخدام التكنولوجيا ومبدأ حماية القاصرين؟
فرغم تأكيد OpenAI التزامها بالمعايير الأخلاقية والقانونية، إلا أن التحدي العملي يبقى في منع إساءة الاستخدام دون التضييق على الابتكار.
ويبدو أن نسخة “ChatGPT +18” ستكون اختباراً حقيقياً لقدرة الشركات والحكومات على تنظيم الذكاء الاصطناعي في المساحات الحساسة، دون خنق الحريات الرقمية أو فتح الباب أمام فوضى رقمية يصعب السيطرة عليها.