الشرق الأوسط

“سباق مع الزمن!”.. الجيش اللبناني يفجر مخازن حزب الله حتى نفدت ذخيرته

يواجه الجيش اللبناني تحديًا غير مسبوق مع اقتراب الموعد النهائي لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، إذ تشير تقارير إلى أن مخزون المتفجرات لديه قد نفد بالكامل بعد تفجير عدد كبير من مستودعات أسلحة تابعة لحزب الله في الجنوب، ورغم هذا النقص، يؤكد ضباط في المؤسسة العسكرية أن عمليات التفتيش مستمرة بوتيرة متسارعة، سعياً لإنهاء المرحلة الأولى من خطة نزع السلاح قبل حلول ديسمبر المقبل.

نفاد المتفجرات وتأجيل عمليات التفجير

أفاد مصدر أمني وآخر حكومي أن الجيش اضطر مؤخرًا إلى إغلاق مواقع تخزين الأسلحة دون تدميرها، بسبب نفاد المواد المتفجرة المستخدمة في التفجير.
ويعتمد الجيش حاليًا على مساعدات أمريكية مرتقبة تشمل عبوات ناسفة ومعدات تفجير جديدة، من المتوقع أن تصل خلال الأشهر المقبلة.
وتأتي هذه التطورات بينما تضغط الولايات المتحدة على بيروت للإسراع في تنفيذ التزاماتها ضمن اتفاق الهدنة الموقع أواخر عام 2024، والذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.

نتائج عمليات التفتيش في الجنوب

بحسب مصادر مطلعة، أسفرت حملات التفتيش الأخيرة عن العثور على تسعة مخابئ جديدة للأسلحة في سبتمبر الماضي، إلى جانب إغلاق عشرات الأنفاق التي كانت تستخدمها الجماعة لتخزين أو نقل الذخائر.
كما يعمل الجيش على تجنيد عناصر إضافية لتعزيز انتشاره في القرى الحدودية المحاذية لإسرائيل، في إطار خطة من خمس مراحل أقرتها الحكومة مطلع سبتمبر لتوسيع نطاق نزع السلاح تدريجيًا من الجنوب إلى الشمال والبقاع.

التحديات السياسية والميدانية

ورغم التقدم الملحوظ في الجنوب، لا تزال المناطق الأخرى أكثر حساسية. إذ يخشى المسؤولون من أن أي تحرك عسكري خارج الجنوب قد يؤدي إلى توترات داخلية أو انقسامات في صفوف الجيش.
ويؤكد قادة لبنانيون أن التفاهم السياسي ضروري قبل الانتقال إلى مرحلة نزع سلاح حزب الله في الشمال والشرق، حيث يُعتقد أن الجماعة تخزن ترسانتها الاستراتيجية بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى.

أما حزب الله، فقد أعلن التزامه بوقف إطلاق النار لكنه لم يوقّع رسمياً على الاتفاق، مشيرًا إلى أن شرط نزع السلاح ينطبق فقط على الجنوب، وليس على كامل الأراضي اللبنانية.

المخاطر على الأرض والتدخلات الخارجية

تقول مصادر أمنية إن الجيش يعتمد في كثير من الأحيان على معلومات استخباراتية من لجنة الهدنة الدولية التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل ولبنان، لتحديد مواقع الأسلحة.
إلا أن التعاون الاستخباراتي هذا لم يخلُ من المخاطر؛ إذ أصيب جنود لبنانيون خلال مهام تفتيش بنيران إسرائيلية، كما أسقطت طائرات مسيّرة إسرائيلية قنابل تحذيرية قرب مواقع للجيش واليونيفيل.

ويشير المسؤولون إلى أن إسرائيل ما زالت تحتل خمس قمم حدودية داخل الأراضي اللبنانية، ما يعيق استكمال عمليات التمشيط. وفي إحدى الحوادث، منعت القوات الإسرائيلية الجيش اللبناني من إقامة برج مراقبة جديد على الحدود.

دعم أمريكي واسع للجيش اللبناني

تزامنًا مع تصاعد الضغوط، أعلنت واشنطن في سبتمبر عن مساعدات بقيمة 14 مليون دولار لتزويد الجيش بمواد تفجير ومعدات هندسية، إلى جانب 192 مليون دولار كمساعدات إضافية لدعم قدراته التشغيلية.
وقالت السيناتور الأمريكية جين شاهين، عقب زيارتها للجنوب اللبناني، إن الجهود التي يبذلها الجيش “حيوية لاستقرار المنطقة وتستحق دعماً مستمراً”.

لكن نقل المواد المتفجرة الأمريكية إلى لبنان قد يستغرق عدة أشهر، وهو ما قد يؤخر استكمال عمليات التفجير حتى منتصف عام 2026.

الطريق نحو نزع السلاح الكامل

يعتبر مراقبون أن التحدي الأكبر أمام الجيش ليس ميدانياً فقط، بل سياسي أيضاً. فالتوصل إلى توافق داخلي حول مستقبل سلاح حزب الله يمثل العقبة الأهم في المراحل المقبلة.
ويرى دبلوماسيون أن أي محاولة لفرض نزع السلاح في مناطق نفوذ الحزب دون غطاء سياسي “قد تعيد لبنان إلى مشهد الانقسام الذي عرفه خلال الحرب الأهلية”.

وبينما يواصل الجيش مهامه في الجنوب، يراقب المجتمع الدولي خطوات بيروت عن كثب، في انتظار ما إذا كان لبنان سينجح بالفعل في تحقيق أول تجربة لنزع السلاح الكامل منذ عقود.

زر الذهاب إلى الأعلى